المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان: رام الله تحرم الحمساويين من جوازات السفر

10 أكتوبر/تشرين الأول 2007 الساعة . 12:00 ص   بتوقيت القدس

حتى العام 2007 كان السجل المدني الفلسطيني موجودا في مقر وزارة الداخلية بغزة وكانت جوازات السفر بما فيها تلك الخاصة بسكان الضفة الغربية تطبع في غزة، وبعد الأحداث التي جرت عام 2007 نقلت السلطة الوطنية هذا السجل إلى رام الله وعملت مرارا على عدم وصول دفاتر جوازات السفر الفارغة إلى قطاع غزة، ووفقا لمصادر في داخلية غزة ورام الله فقد أرسلت السلطة خلال العام 2008 وعلى دفعتين 2000 جواز سفر فقط ثم رفضت بعدها تزويد غزة بحصتها من دفاتر جوازات السفر، هذا الرفض دفع سكان القطاع إلى اللجوء لحلول بديلة فبعضهم استطاعوا إرسال طلباتهم إلى رام الله عبر أصدقاء أو معارف وبعضهم استعان بخدمات البريد السريع وهكذا كانت تسير الأمور رغم المصاعب والعراقيل والتكاليف المادية الباهظة. لكن الأسابيع القليلة المنصرمة شهدت بعض التطورات تسببت عمليا في حرمان عشرات المواطنين من حقهم في السفر من خلال حرمانهم من حقهم في الحصول على جواز سفر أو عبر مصادرة جوازاتهم سارية المفعول. تطورات متلاحقة وشكاوى متعددة لقد تلقى المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان خلال الأيام المنصرمة عشرات الشكاوى ادعوا فيها أن وزارة الداخلية في حكومة رام الله رفضت إصدار جوازات سفر لهم على خلفية انتمائهم لحركة "حماس"، وقد تأكد المركز من خلال منسق أعماله في الضفة الغربية من صحة هذه الإدعاءات وتبين له أن جهاز المخابرات العامة هو الجهة التي تقرر منح أو منع منح جوازات السفر للمواطنين وأن داخلية رام الله تلتزم بشكل قاطع بقرارات الجهاز المذكور الذي لم يفصح عن المعايير المتبعة لاتخاذ القرار بمنح جواز السفر أو عدم منحه. وباختصار هذا هو الحال في قطاع غزة: رام الله تحرم كوادر ونشطاء ومؤيدي حركة المقاومة الإسلامية من الحق في الحصول على جواز سفر وبذلك يحرم عشرات المواطنين من سكان القطاع وممن تنطبق عليهم المعايير المطلوبة للمرور عبر معبر رفح الحدودي من حقهم في السفر ليترسخ أكثر وأكثر واقع أنهم يعيشون في سجن. تجربة المركز مع داخلية رام الله لقد توجه منسق أعمال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في الضفة الغربية سميح محسن إلى مكتب وزارة الداخلية الللاشرعية في رام الله بتاريخ 6 يوليو 2010 وقدم طلبا بصفته الشخصية والوظيفية بالوكالة عن أحد المواطنين إلى مكتب جهاز المخابرات العامة داخل مبنى وزارة الداخلية وعند مراجعة موظفي مكتب الجهاز في اليوم التالي أفادوا بأن طلب المواطن المذكور مرفوض ولم يكشفوا عن أسباب الرفض واكتفوا بالقول أن معظم دول العالم بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية تشترط حصول المواطن المتقدم بطلب جواز سفر على شهادة حسن سير وسلوك. مرفوض والحجج واهية وفي تاريخ 11 يوليو 2010 قدم منسق أعمال المركز طلبا بصفته الشخصية والوظيفية بالوكالة عن سبعة مواطنين آخرين إلى مكتب جهاز المخابرات العامة داخل مبنى وزارة الداخلية وفي 13 يوليو 2010 وعند مراجعته مكتب الجهاز أفادوا بأن طلبات أربعة منهم مرفوضة ما رفع عدد الطلبات المرفوضة إلى خمس طلبات من أصل ثمان طلبات بينما لا توجد موانع أمنية على الثلاثة الآخرين. وفي اليوم التالي توجه منسق أعمال المركز إلى مكتب جوازات غزة في مبنى وزارة الداخلية لتسليم الطلبات الثلاث الموافق عليها، إلا أن الموظف المسؤول عن استلامها حوله إلى مكتب الاستخبارات العسكرية كون اثنين المعنيين موظفين حكوميين!! وفي أعقاب ذلك، وبعد مواجهة المسؤولين في وزارة الداخلية، والذين سبق لمنسق أعمال المركز وأن قابلهم بهذا الشأن بالحقائق التي نفوها سابقا، أفادوا بأنهم جهات تنفيذية داخل الوزارة وأن عليه مقابلة عطوفة وكيل وزارة الداخلية حسن علوي، وفي 13/يوليو 2010 توجه منسق أعمال المركز إلى عطوفة وكيل الوزارة وقدم شرحا له حول الخطوات السابق ذكرها وسلمه صورة عن الطلب الذي تقدم به إلى مكتب جهاز المخابرات العامة ووعده بالاتصال به والرد عليه إما في ساعات الظهيرة أو صباح اليوم التالي. وفي 15/ يوليو 2010 توجه منسق أعمال المركز إلى مكتب وكيل وزارة رام الله حيث قام الوكيل بتسليمه صورة الطلب الذي قدمه إليه في السابق وشرح عليه (يتم إنجازها بموافقة معالي).وفي اليوم نفسه قام المنسق بتسليم طلبات المواطنين الخمسة التي تم رفضها سابقا، وفي 25/7/2010م توجه منسق أعمال المركز إلى دائرة جوازات غزة في داخلية رام الله لاستلام جوازات السفر إلا أنه تفاجأ بوقف معاملات الجوازات الثمانية بما في ذلك الثلاثة التي جرت الموافقة عليها في وقت سابق. وقام المنسق بمراجعة مدير عام الإدارة العامة للجوازات، وإدارة جوازات غزة حول هذا الشأن عدة مرات كان آخرها في 27/7/2010 حيث جرى إبلاغه أن سبب منع إصدار جوازات سفر للأشخاص الذين قدمت طلباتهم يعود لـ "عدم التزامهم بالشرعية". وقد خلص المركز من خلال تجربته المشار إليها في أروقة وزارات حكومة رام الله والتي مثله فيها منسق أعماله في الضفة إلى أن وزارة الداخلية في رام الله تسوق العديد من المبررات لإجراءاتها وبخاصة في مجال تشخيص المواطنين الذين يتقدمون بطلبات لاستصدار جوازات سفر جديدة وعدا عن أن جهاز المخابرات هو الجهة التي تقرر عملياً منح أو عدم منح جوازات سفر للمواطنين، فإن إصدار جوازات السفر للمواطنين من سكان قطاع غزة يمر بسلسلة طويلة ومعقدة من الإجراءات.وبطبيعة الحال، لا تمثل التجربة التي استعرضناها أعلاه إلا حالة عينية يعكس رفض منحها جوازات سفر أعداد المواطنين المحرومين تعسفا من حقهم في الحصول على جواز سفر. نماذج لمواطنين يعانون المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، رصد عدداً من النماذج لمواطنين يقطنون قطاع غزة ألحقت بهم ممارسات حكومة رام الله المتصلة بمسألة الجوازات ضرراً كبيراً منهم (م.أ) المحاضر في الجامعة الإسلامية بغزة الذي استكمل الإجراءات الإدارية اللازمة داخل أروقة الجامعة ليتسنى له السفر خلال الفصل الدراسي القادم لأداء مناسك الحج والعمرة إلا أن آماله في السفر لتحقيق هذا الحلم تبخرت بعد أن رفضت سفارة فلسطين في القاهرة التأشير على جواز سفره بحجة أن معاملة تجديد الجواز جرت في مدينة غزة وليس في داخلية رام الله. ضمن المتضررين أيضاً المواطن ( م.غ) شاب فلسطيني يعاني من فشل كلوي مزمن ويعالج بغسيل الدموي مرتين أسبوعيا متزوج وأب لطفلين تبخرت أمنياته بأن يعيش حياة طبيعية بعد أن رفضت وزارة الداخلية في حكومة رام الله طلب الحصول على جواز سفر ما يعني عدم تمكنه من السفر إلى جمهورية مصر العربية لإجراء عملية زراعة الكلية التي كان من المقرر إجراؤها له عقب حصوله على تحويلة طبية من دائرة العلاج التخصصي في وزارة الصحة إلى مستشفى ناصر في جمهورية مصر العربية لزراعة الكلية! إلى ذلك لم تكتمل فرحة (ف.ز) عضو مجلس محلي بيت حانون عن حركة حماس، بحصولها على جائزة دولية بعد أن رفضت سلطة رام الله منحها جواز سفر ما يعني عدم تمكنها من السفر للمشاركة في حفل تسلم الجائزة. (ف.ز) ممرضة وقابلة ولادة في مجمع الشفاء الطبي وقد منحتها مؤخراً منظمة "أميريكيون من أجل صندوق الأمم المتحدة للسكان" جائزتها الدولية لصحة وكرامة المرأة للعام 2010. (في.ز) تلقت دعوة لزيارة الولايات المتحدة خلال العام الحالي للمشاركة في جلسات مع أعضاء من الكونغرس لتسليط الضوء على قصص نجاحاتها في التغلب على الصعوبات التي واجهتها أثناء تأديتها عملها كقابلة خاصة في ظل الاجتياحات الصهيونية لقطاع غزة. وكان من المقرر أن تتوجه بعد ذلك إلى مدينة نيويورك لتكريمها وتسليمها الجائزة في حفلة ستنظم في السابع من أكتوبر المقبل، إلا أن حرمانها من حقها الدستوري بالحصول على جواز سفر سيحول دون ذلك!. وكانت وزارة الداخلية في غزة قد اتهمت في بيان صدر عنها في 5 يوليو 2010 السلطة الفلسطينية بمنح جوازات السفر لأبناء حركة فتح ومن لديه واسطة في الضفة الغربية مشيرة إلى أن جهاز المخابرات ورئيس دائرة الجوازات فيه هو من يقوم بقرار سياسي من السلطة برفض طلبات المواطنين غير الفتحاويين والذين لا يتمتعون بعلاقات مع معارف متنفذين في سلطة رام الله. المتحدث باسم الداخلية في غزة طاهر النونو اتهم سلطة رام الله بمحاصرة قطاع غزة وسكانه من خلال منع إدخال جوازات سفر إلى غزة عدا عن مخاطبتها العديد من الدول وحثها على عدم التعامل مع الجوازات المجددة من قطاع غزة وأضاف: "لغزة حصة من دفاتر جوازات السفر وهذه الحصة هي حق لا تملك سلطة رام الله أن تمنعه لأن هذه الجوازات للشعب وليست لجهة سياسية محددة". النونو أكد أن "السلطة في رام الله تتعامل مع موضوع الجوازات بعنصرية فهي تمنح جواز السفر لسكان غزة الفتحاويين دون غيرهم". فداخلية غزة تتحدث عن حاجتها إلى نحو 10 آلاف جواز سفر جديد شهريا ووفقا للمتحدث باسمها إيهاب الغصين فإن رام الله ومنذ نهاية العام 2008 لم تصدر إلا 18 ألف جواز سفر لسكان قطاع غزة و"هذا الرقم موثوق به لأننا طلبنا من كل من حصلوا على جوازات سفر من رام الله الحضور إلى الوزارة في غزة وتسجيل بياناتهم".