تقرير 13 عاماً على العدوان.. جبهة داخلية صلبة وأجهزة أمنية مُتطورة

27 ديسمبر/كانون الأول 2021 الساعة . 02:07 م   بتوقيت القدس

غزة/ الداخلية:

الساعة 11:27 من صباح يوم السبت السابع والعشرين من كانون أول/ ديسمبر لعام 2008، أكثر من 60 طائرة حربية إسرائيلية تُغطي سماء قطاع غزة في لحظة واحدة وتستهدف كافة المقرات الأمنية والمراكز الشرطية لوزارة الداخلية، لتُعلن عن عدوان غاشم استمر 21 يوماً، حصَدَ أرواح أكثر من 1400 فلسطيني، وجرح قرابة 5400 آخرين.

ارتقى خلال الضربة الأولى ما يربو عن 300 من ضباط ومنتسبي وزارة الداخلية وأصيب المئات، ودُمّرت جميع المقار الأمنية والشرطية، ولكن، خلال ساعات قليلة.. انقلب "السحر على الساحر" بعد انتشار صور أولية سجلتها عدسات الكاميرات المحلية والعالمية لمظهر شهداء الشرطة ممن ارتقوا في تلك الغارة، فكان لها الأثر الكبير في ارتفاع المعنويات وزيادة حالة الغضب الاستثنائي في ذلك الوقت على الجريمة الشنعاء.

قدّمت الداخلية نموذجاً فريداً في مجابهة العدوان الإسرائيلي بكل بسالة، ولملمت جراحها، وشكّلت صمام أمانٍ لشعبنا، فحافظت على استقرار الجبهة الداخلية، وحمت ظهر المقاومة، وآثر منتسبو الوزارة وأجهزتها التضحية ليأمن أبناء شعبهم، ولم يبخلوا بوقتٍ ولا بجهدٍ ولا بعرقٍ ولا بمالٍ ولا حتى بدماء، في مساندة الصمود الأسطوري الذي سطّره شعبنا في غزة وقدرته على الثبات ومواجهة العدوان.

كان لوزارة الداخلية من صمود شعبها نصيب، فقد شكلت "حرب الفرقان" مرحلة فاصلة كان لها ما بعدها على صعيد عمل الوزارة، فتمكنت من إعادة بناء المنظومة الأمنية، ونجحت وزارة الداخلية في ترسيخ تحصين المجتمع، كما عززت من عملية بناء وتطوير كوادرها على أسس أمنية، وزيادة الوعي والتدريب في كيفية التعامل مع الوضع الميداني وأخذ الاحتياطات الأمنية اللازمة لمواجهة الاحتلال.

وبعد مرور 13 عاماً على العدوان، باتت الأجهزة الأمنية والشرطية أكثر تماسكاً وصلابةً، وأكثر قُدرة واستعداداً للتعامل مع كافة التحديات، وتقديم الخدمة لأبناء شعبنا تحت كل الظروف، وتبذُل في سبيل ذلك كل طاقاتها، وتُسخّر إمكاناتها كافة من أجل تحصين المجتمع وحماية ظهر المقاومة.

فمنتسبو الداخلية من قادة وضباط وضباط صف وجنود، بذلوا الغالي والنفيس في الميدان وواجهوا الأزمة تلو الأزمة، وتصدوا لعدوان وراء آخر، مُتحملين في سبيل حماية أبناء شعبنا أعباءً وتحديات جسيمة.

وتُواصل الداخلية مهامها وسط احتضان شعبي واسع لعملها الذي ينبع من توفير الأمن للمواطن وحماية الحريات العامة حتى أضحى الأمن في غزة اليوم مستقراً بشكل كبير، نتيجة الجهود الكبيرة التي تبذلها الوزارة، وهو ما أظهرته آخر استطلاعات للرأي بأن نسبة الإحساس بالأمن والسلامة الشخصية في قطاع غزة قاربت على 80%.

لم يكن لكل ذلك أن يتأتى، إلا بعزيمة قوية وإرادة صلبة، عملت بكل جدّ للاستثمار في الإنسان كما استثمرت في البنيان، وصقلت شخصية رجال الشرطة والأمن عبر برامج تدريبية مُستدامة، بالتزامن مع مشاريع البناء والإعمار لما دمره العدوان، لتبقى مقار وزارة الداخلية صروحاً للأمن والاستقرار.

لقد باتت وزارة الداخلية اليوم أكثر تماسكاً وتطوراً، وصمدت غزة أمام "الكتل النارية" التي أُسقطت عليها، رغم استخدام الاحتلال للأسلحة المحرمة دولياً في استهداف أماكن الاكتظاظ السكاني إلا أن ذلك لم ينل من عزيمة الشعب الفلسطيني، فـ "الضربة التي لا تقتلك.. تزيدك قُوة".