اللواء مصلح: نفذَّنا 53 ألف مهمة ونظمَّنا أكثر من ألفي دورة خلال 10 سنوات

16 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 الساعة . 10:55 ص   بتوقيت القدس

الدفاع المدني استمر بتقديم الخدمات الإنسانية رغم الحصار

نفذَّنا 53 ألف مهمة ونظمَّنا أكثر من ألفي دورة خلال 10 سنوات


غزة / الداخلية / محمد الزرد:

على مدار عشر سنوات خلت، خاض جهاز الدفاع المدني الفلسطيني في قطاع غزة أقسى الظروف والمعيقات التي تعجز عن تحملها دولٌ مستقرة؛ في ظل حصار متواصل وحروب متكررة وكوارث طبيعية، أنهكت مقدراته واستنزفت معداته التي لم تتجدد طوال تلك الأعوام بسبب الحصار.

وفي هذا السياق أكد اللواء ناصر مصلح مدير عام جهاز الدفاع المدني، خلال حديث خاص "لموقع الداخلية" أن الجهاز صمد على مدار 10 سنوات من الحصار، بسواعد طواقمه الميدانية "الإطفاء، الإنقاذ، الإسعاف"، التي لم تفتر عزيمتها في أصعب الظروف.

مقدرات الجهاز

وعن واقع الدفاع المدني قبل عشر سنوات يقول اللواء مصلح: "بلغ عدد منتسبي الجهاز قبل 2007 (889) منتسباً، استنكفت الغالية العظمى منهم عقب أحداث الانقسام، فيما استمر (71) منتسباً منهم فقط في تأدية مهامهم داخل الجهاز".

وتابع: "ولكي يستمر الجهاز في تقديم خدماته الإنسانية بعد تلك الأحداث، واصلت الكوادر التي بقيت على رأس عملها الليل بالنهار من أجل إعادة بناء الجهاز من جديد، وذلك من خلال استيعاب وتدريب وتأهيل عددٍ من أفراد القوة التنفيذية والمتطوعين".

فمنذ عام 2008 حتى نهاية عام 2016 تم زيادة قوة الدفاع المدني ليصبح العدد (676) منتسباً، من خلال فتح باب التوظيف للطاقات والكوادر البشرية حسب التخصصات اللازمة.

 

وذكر اللواء مصلح أن عدد مراكز الدفاع المدني بلغ 16 مركزاً في عام 2007 وكان عدد من المقرات والمراكز عبارة عن مبانٍ مؤقتة، بالإضافة إلى توفر عدد من السيارات والمعدات ومواد الإطفاء بشكل جيد.

ولفت إلى أن مديرية الدفاع المدني تمتلك حالياً 49 مركبة ميدانية عاملة تشمل "1 سلم إطفاء، 25 سيارة إطفاء، 3 سيارة إنقاذ، 7سيارات صهريج، 13 سيارة إسعاف"، منوهاً إلى أنه يتم ترميمها بشكل دوري بدعم من المؤسسات الخيرية.

آثار الحصار والعدوان

لكن تلك المقدرات لم تدم على حالها طويلاً فقد كانت الحروب والاعتداءات المتكررة من قبل قوات الاحتلال، والحصار، والكوارث الطبيعية خلال العشر سنوات الماضية، كفيلة بأن تُنهكها وتؤثر بشكل سلبي على كفاءة أدائها.

وفي هذا السياق نوه مدير عام جهاز الدفاع المدني إلى أن الحصار والعدوان أثرا بشكل كبير على المعدات، فأصبحت متهالكة بالإضافة إلى النقص الكبير فيها وذلك نتيجة الاستخدام المتكرر، في ظل منع سلطات الاحتلال دخول العديد من الأجهزة والمعدات المهمة مثل ( جهاز الكشف عن الأحياء تحت الأنقاض – جهاز التنفس – جهاز الكشف عن الغازات السامة).

وفيما يتعلق بالمركبات فقد أضحت على حد قوله، متهالكة بسبب القدم والاستهلاك وكذلك الاستهداف، موضحاً أن المركبات في مجملها كانت مستعملة منذ توريدها للدفاع المدني منتصف التسعينات، بالإضافة إلى مشكلة صعوبة توفير قطع الغيار اللازمة لعمليات الصيانة الدورية، وعدم توفرها في السوق المحلي.

ولفت إلى أن هناك نقصٌ كبير في مواد الإطفاء، وذلك لاستهلاك كميات كبيرة منها نتيجة الحرائق الناجمة عن الاستهدافات من قبل جيش الاحتلال، بالإضافة إلى الحرائق الناجمة من الآثار المترتبة عن الحصار الذي دفع المواطنين لاستخدام وسائل الإضاءة البديلة غير الآمنة.

وتابع: "كما أدى عدم توفر مواد الإطفاء في السوق المحلي إلى ارتفاع أسعارها بشكل كبير وإعاقة توفيرها بمستودعات الدفاع المدني، مما دفعنا إلى استخدام مواد إطفاء بديلة لكنها ذات فعالية أقل في التعامل مع الحرائق كسابقتها".

ونبّه إلى أن الدفاع المدني يُعاني من عدم توفر معدات السلامة الشخصية الخاصة برجال الإطفاء، نتيجة عدم السماح بإدخالها من قبل الاحتلال، واستهلاك جميع المعدات التي كانت متوفرة قبل عشر سنوات، وعلى وجه الخصوص تلك المعدات المتعلقة بعمليات الإنقاذ والإطفاء الخاصة بالوقاية من اللهب والغازات السامة والمواد الكيميائية الخطرة.

إنجازات مهمة

ورغم كل تلك الظروف، إلا أن المديرية العامة للدفاع المدني استمرت في تقديم خدماتها الإنسانية وقدمت إنجازات مميزة حاولت فيها التغلب جزئياً على الحصار ونقص المعدات، حيث توصل خبراء الجهاز لإنتاج مادة "الفوم" وهي مادة رغوية تُستخدم في إخماد الحرائق البترولية والسائلة.

وبيّن اللواء مصلح أن هذه المادة أثبتت كفاءتها بشكل واضح من خلال السرعة الفائقة في إخماد الحرائق البترولية والسائلة، لافتاً إلى أن الدفاع المدني لجأ لإنتاج هذه المادة بعد صعوبة توفيرها وتكلفتها العالية، بسبب الحصار، وتم العمل عليها من خلال البدائل الموجودة وبعد عدة تجارب ليتم تصنيعها بتكلفة أقل.

كما نفذت المديرية بالتعاون مع مؤسسة أمان ماليزيا مشروع إعادة تأهيل وترميم 23 سيارة إطفاء وإنقاذ وتزويدها بكل ما يلزمها، بعد أن كانت غير صالحة للاستخدام إثر تدميرها بشكل كلي خلال العدوان المتكرر على القطاع.

وذكر اللواء مصلح أن تكلفة إعادة ترميم تلك المركبات بلغ 160 ألف دولار موزعة على النحو التالي: 17 سيارة إطفاء، 3 سيارة إنقاذ، 2 سيارة تنك مياه، لتزويد سيارة الإطفاء، وسيارة السلم الوحيدة في قطاع غزة.

وعلى مدار عشر سنوات مضت نفّذت الطواقم الميدانية 53 ألف و750 مهمة تنوعت ما بين إطفاء وإنقاذ وإسعاف وتزويد، من بينها 10 آلاف مهمة إنقاذ وانتشال حالات وفاة نفذتها فرق الإنقاذ البحري خلال السنوات الماضية قبل أن تنقل مهمة تأمين المصطافين على الشواطئ للبلديات العام الماضي.

الأمن والسلامة

كما يعمل الدفاع المدني على توفير إجراءات السلامة والوقاية في المنشآت والمصانع، وتتولى إدارة الأمن والسلامة المهمة الرئيسية في توفير ونشر شروطها في جميع المنشآت العامة والخاصة، وتدريب العاملين فيها على أعمال الأمن والسلامة، وضبط المخالفين لهذه الشروط، حيث تم إصدار 25 ألف و745 تصريحاً، منذ عام 2008 وحتى العام الحالي.

وتتابع إدارة الأمن والسلامة تلك المنشآت بشكل دوري، من خلال الجولات الميدانية والزيارات التفقدية للتأكد من صحة إجراءات السلامة فيها.

وعلى صعيد التدريب والتأهيل، وضعت إدارة التدريب في الدفاع المدني خططاً تدريبية متكاملة، بهدف نشر التوعية وأسس السلامة وخلق ثقافة الدفاع المدني الذاتية على صعيدي المؤسسات الرسمية والأهلية والمواطنين، فعلى مدار العشر سنوات عقد الجهاز ألفين و673 دورة تدريبية استفاد منها 346 ألف و455 شخصاً من مختلف شرائح المجتمع من طلاب ونساء ومؤسسات وجمعيات متنوعة.

الرؤية المستقبلية

وحول الرؤية المستقبلية لعمل الجهاز، أعرب اللواء مصلح عن أمله في إتمام تطبيق اتفاق المصالحة، وتوحيد مؤسسات السلطة بما فيها الدفاع المدني، لكي يتمكن من توفير احتياجاته لمواصلة عمله في خدمة المواطنين، سيما وأنه جهاز خدماتي بحت.

وطالب حكومة الوفاق بالتدخل السريع والعاجل لإمداد الدفاع المدني في غزة بالإمكانات المادية والبشرية، خاصة في ظل حلول فصل الشتاء.

ويتطلع جهاز الدفاع المدني إلى تشكيل فرق من المتطوعين وتأهيلهم وتدريبهم، وإمدادهم بالمستلزمات للقيام بمساندة مهام الدفاع المدني في الأحياء والحالات الطارئة.

خطة الشتاء

ويتعرض قطاع غزة كغيره من المناطق لمخاطر الكوارث الطبيعية الناتجة عن فصل الشتاء وتساقط الأمطار، ناهيك عن إجراءات الاحتلال الذي يُقْدم على فتح بعض السدود المائية الحدودية ما يُؤثر بشكل مباشر على التجمعات السكنية المحيطة.

وأكد اللواء مصلح أن الدفاع المدني يضع مع بداية كل موسم شتاء خطة متكاملة خلال هذا الفصل لتجنب وقوع الكوارث الطبيعية والتخفيف من آثارها، عن طريق الاستعداد والاستجابة الفعالة والسريعة، والتحقق من جاهزية الآليات والتجهيزات التي تستخدم خلال تلك الكوارث.

وتشمل الخطة تأهيل الكوادر البشرية والارتقاء بمهارات وقدرات العاملين ورفع جاهزيتهم للتدخل الفوري في مواجهة حالات فصل الشتاء.

وأردف قائلاً: "تسعى الخطة لترسيخ الوعي بأعمال الدفاع المدني وتكريس المهارات الوقائية للمجتمع من خلال برامج تثقيفية وتدريبية، وضمان آلية التنسيق وتنظيم الجهود لمواجهة حالات الطوارئ بكفاءة عالية وبأقل خسائر ممكنة".

وحدد الدفاع المدني في خطته المخاطر المتوقع حدوثها، والمناطق الأكثر ضعفاً لمواجهة المخاطر، بالإضافة لعمل جولات ميدانية استكشافية على المناطق المعرضة للخطر.

ورغم كل تلك الظروف، إلا أن الدفاع المدني مستمرٌ في تقديم خدماته الإنسانية من مهام "الإطفاء والإنقاذ والإسعاف"، بكل جدارة واقتدار، في ظل الاحتياجات الملحة والتحديات الجسيمة، فكانت المديرية رائدة في المشاركة باستقرار الجبهة الداخلية.

ختاماً، عبر اللواء مصلح عن أمله في السلامة التامة للمواطنين، وأن يمر هذا الشتاء بكل أمن وسلام دون وقوع أي أضرار في أرواح وممتلكات المواطنين.