غزة/ الداخلية:
قائد
استثنائي استطاع أن يبني أجهزة أمنية بعقيدة وطنية حمت ظهر المقاومة وحفظت الجبهة الداخلية
وفرضت الأمن الذي فقده شعبنا منذ سنوات طوال، لم يختبئ خلف شعبه ولم يعمل من وراء المكاتب،
بل تقدم الصفوف وضحى بروحه ليكون بذلك أول وزير داخلية في العالم شهيداً.
المتابع
للمرحلة التي عاشها الشهيد صيام يلحظ مدى صعوبتها حيث شهدت تأسيس أجهزة أمنية متكاملة،
لذلك فإن الكلمات على كثرتها لن تفي حق هذا القائد الاستثنائي في تاريخ القضية الفلسطينية
ورجل المرحلة الأمنية وصاحب القرارات الحاسمة.
تضحية
وعطاء
خمسون
عاماً قضاها صيام كانت عامرة بالعطاء والمقاومة وخدمة شعبه، فقد ولد في 22/7/1959م
بمعسكر الشاطئ غرب غزة، وتعود أصوله لقرية الجورة قضاء عسقلان المحتلة.
تخرج
الشهيد صيام عام 1980 من دار المعلمين في رام الله وحصل على دبلوم تدريس العلوم والرياضيات،
ثم أكمل دراسته الجامعية في جامعة القدس المفتوحة وتخرج منها سنة 2000م، وحصل على بكالوريوس
في التربية الإسلامية، كما عمل في مدارس وكالة الغوث الدولية من العام 1980م، حتى نهاية
العام 2003م، لكنه ترك العمل بسبب مضايقات إدارة وكالة الغوث على خلفية انتمائه السياسي
كما عمل خطيباً وإماماً، كما كان له دور بارز في حل النزاعات والشجارات بين الناس كرجل
إصلاح.
مناصب
كُلّف بها
كُلف
الوزير الشهيد في حياته بالعديد من المناصب، فكان رئيساً للجنة قطاع المعلمين، وعضو
اتحاد الموظفين العرب بوكالة الغوث الدولية، ومسؤولاً لدائرة العلاقات الخارجية في
حركة "حماس"، وعضواً في القيادة السياسية للحركة بغزة.
كما
عمل صيام عضواً في مجلس أمناء الجامعة الإسلامية، وعضواً للهيئة التأسيسية لمركز أبحاث
المستقبل، وفي العام 1980 كان صيام عضواً في اتحاد الطلاب بدار المعلمين برام الله.
انتخب
عضوًا للمجلس التشريعي عن قائمة حركة حماس في دائرة غزة ، والتي حصل فيها على أعلى
أصوات الناخبين على مستوى غزة والضفة والقدس، كما تم تكليفه كأول وزير داخلية في الحكومة
العاشرة ليجد نفسه في تحدٍّ مع أجهزة أمنية تمارس الفلتان.
قرارات
حكيمة
اتسم
الوزير صيام بجرأته في اتخاذ القرارات الحكيمة والحاسمة، فعندما تولي منصب وزارة الداخلية
أصدر قراراً بإعادة المطرودين من الشرطة بسبب قرارات تعسفية تطال حريتهم الشخصية، كما
عُرف عن الوزير صيام إدارته الحكيمة لملف لجنة المتابعة العليا في الفصائل وكان يشهد
له الجميع بالعلاقة الحسنة مع كل الأطراف التي يتعامل معها.
وقد
شكل توليه لوزارة الداخلية نقطة تغيير فاصلة في بناء المؤسسة الأمنية الفلسطينية، فالرجل
شرع بعد أيام من توليه الوزارة في إنهاء الفوضى التي سادت حينها وتغول العائلات وانتشار
السلاح.
بسط
الأمن
شهدت
فترة تولي صيام لوزارة الداخلية في الحكومة العاشرة تمرد الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة
وعدم الانصياع لقرارات الوزير، وبدأ المد والجزر حول عدة قرارات اتخذها صيام بالقيادة
الحكيمة أن يفرض دوره في حفظ أمن المواطن رغم كل الصعاب والعقبات التي وضعت أمامه،
مما اضطره لتشكيل قوة وشرطية وأمنية في مارس 2006 وفق القانون فكانت بمثابة النواة
الصلبة، لتُضحي تلك القوة التي شكلها الوزير الشهيد من عدة مئات من الأفراد اليوم أجهزةً
أمنية منظمة.
كما
شكلت مرحلة القضاء على الفلتان الداخلي الجهد الأكبر الملقى على عاتق صيام في تلك المرحلة
الصعبة، كما حسم الوزير صيام قضية تغول العائلات ومنع سلاحها ثَمَّ كان صيف 2007م الأكثر
أمنًا وأمانًا بغزة؛ حيث استطاع الرجل القوي قيادة تلك المرحلة بنجاح.
هيكلية
جديدة
استطاع
الشهيد صيام أن يصنع وزارة كاملة بهيكلية جديدة ضربت مثالاً في تحقيق الأمن والأمان
وإعادة الاستقرار لحياة المواطنين، وشهد الصديق والعدو قدرة الوزير صيام على تحمل المسئولية
عن كل فعل وقول.
إذ
كان وزير الداخلية يخرج بنفسه إلى مراكز الشرطة في جميع المحافظات ليتفقد سير العمل
فيها، كل ذلك تجلى من حرصه الكبير على أن تُحقق الداخلية آمال المواطنين، فأنشأ ديواناً
للرقابة ليصوب الأداء ويُنصف المواطنين.
ومما
يدلل على اهتمام الوزير صيام بتطوير المنظومة الأمنية على أسس علمية إنشاءه لمعهد العلوم
الأمنية وتحفيزه لطلب العلم الأمني والقانوني، كما لم يخفى على أحد اهتمامه بتوجيه
رجال الأمن وإرشادهم فأنشأ هيئة التوجيه والإرشاد والتي عكفت على تنظيم البرامج التدريبية
والتأهيلية في مختلف المواقع الأمنية.
لقد
امتلك سعيد صيام القدرة على العمل تحت الضغوط المختلفة، حيث عمَّ الهدوء والأمن أرجاء
غزة خلال فترة توليه الوزارة بعد سنين خلت من الأمن وما زالت آثار صدى الأمان مستمرة
بعد استشهاده حتى يومنا هذا.
شهادته
وبعد
الضربة الأولى للأجهزة الأمنية في حرب الفرقان في السابع والعشرين من ديسمبر لعام
2008م ، عمل الوزير صيام على ترتيب ملف الداخلية فتواصل منذ اللحظة الأولى للعدوان
مع كافة الأجهزة الأمنية وكلف قيادة جديدة للشرطة بعد استشهاد قائدها اللواء توفيق
جبر ودعا كافة الأجهزة للاستمرار في أداء رسالتها في حفظ الأمن والاستقرار داخل المجتمع،
وكان لقيادته الحكيمة أثراً كبيراً في استقرار الجبهة الداخلية.
وعقب
قصف مكتبه نقل العمل لبيته، فقد أظهرت المراسلات الداخلية بخط الشهيد كتاباته لكافة
العاملين كلٌ في موقعه حجم الاهتمام التي أبداها مما أثر على رفع الروح المعنوية واستقرار
أداء كافة الأجهزة في مختلف الميادين والعمل بكل جهدها رغم فقدانها لمقومات البقاء
إلا أنهم عملوا في الشوارع والأزقة لقيادة الجبهة الداخلية وتحقيق الصمود والثبات.
استشهد
الوزير صيام في اليوم العشرين من "معركة الفرقان" في الخامس عشر من يناير
عام 2009م تاركاً ورائه أبناء يوفون بمسيرته في الذكرى السابعة لاستشهاده ويسيرون على
خطاه وتوجيهاته التي رسمها لأفراد وزارة الداخلية في حفظ الأمن وحماية المقاومة وتحقيق
كرامة الشعب والوطن.
فالشهيد
صيام لم يكن قائداً لحركة سياسية فقط، وإنما اتسع قلبه وفكره وعقله لكل المجتمع الفلسطيني
وإلى كل الفصائل الفلسطينية، وأثبت عبر شخصيته الوطنية وتعامله مع كافة الفصائل أنه
ربُّ الأسرة الذي احتضن الجميع.