بفعل أصدقائه

أحمد.. من مُتعاطي للأترمال إلى نزيل مُنتج

23 أغسطس/آب 2016 الساعة . 12:48 م   بتوقيت القدس

 

كتب/ رائد حمـاد:

بدأت حكاية أحمد _اسمٌ مستعار_ "51 عاماً من سكان جنوب قطاع غزة" مع تعاطي الحبوب المخدرة "الأترمال" تزامناً مع عمله في نقل البضائع ليلاً، ونتيجةً لصعوبة عمله ومشقته وحاجته للسهر بدأ بتعاطي تلك الحبوب السـامة.

 

يتحدث أحمد والدموع تُثقل عينيه: "نصحني أصدقائي الذين أعمل معهم بدواء جيد للسهر وعدم التعب، مؤكدين لي أنه مفيد ويعطي القوة والطاقة لمجهود أفضل".

 

تردد أحمد في بداية الأمر ولكن إلحاحهم المستمر عليه جعله يُفكر بتعاطيه من باب التجربة، ولم يكن يعرف حينها أنها حبوب مخدرة من نوع "أترمال".

 

يُتابع أحمد حديثه المنبعث من صوته الخافت: "بدأتُ أشتري الأترمال يومياً وتعودت عليه مع الوقت، لا سيَّما أنني شعرت في بداية الأمر بالقوة والقدرة على السهر بالعمل، وكنتُ آخذه من زميلي في العمل مقابل المال".

 

ومع مرور الأيام، بدأ أحمد يشعر بضيقٍ في النفس وتعب وصداع في حال عدم تناول تلك الحبوب، وصار يبحث عنها وعن مروجيها في المنطقة ويشتري من بعضهم كمية ويضعها في منزله ليتمكن من تعاطيها دون انقطـاع.

 

وبحسرةٍ وألم يُكمل أحمد حديثه قائلاً: "أصبحتُ معروفاً في منطقة سكناي بأنني مُتعاطي أترمال، علماً بأن لي خمسة من الأبناء وأم كبيرة بالسن تحتاج إلى رعايتي ومساعدتي لها في الحركة والتنقل".

 

وفي يومٍ من الأيام داهمت شرطة مكافحة المخدرات منزل أحمد وضبطت عنده كمية من الأترمال، وتم إلقاء القبض عليه.

 

دخل الرجل الخمسيني مركز الإصلاح والتأهيل، وهناك شعر بالندم والحسرة بعدما زجه أصدقاؤه في هذا الطريق المظلم.

 

يقول أحمد: "من أول يومٍ دخلتُ فيه مركز الإصلاح _ بعد أن حُكم عليَّ لمدة عام _ راجعتُ نفسي وندمت، وقمت في منتصف الليل توضأت وصليت لله ركعتين والدموع تملؤ عيوني، وأعلنت توبتي وعدم العودة للتعاطي أبداً".

 

وبيَّن أحمد أن المعاملة من قِبل ضباط وأفراد مركز الإصلاح كانت لها الأثر البالغ في تغيير شخصيته، حيث المعاملة الحسنة والإرشاد النفسي السليم، والمحاضرات التي تبين مخاطر التعاطي وآثارها على الصحة والمجتمع".

 

وعن كيفية قضاء يومه في المركز يقول: "أستيقظ فجراً لصلاة الفجر وأقرأ القرآن، بعدها أمارس مع النزلاء بعض التمارين الرياضية الخفيفة، ثم أتناول وجبة الفطور وأبدأ بقراءة بعض الكتب، ومن ثم هناك برنامج للنزلاء نشارك فيه يتخلله محاضرات وندوات وغيرها مما يعود بالنفع علينا".

 

ومن أجمل ما ارتاحت له نفسه _وفق ما قاله لنا_ أنه تم اختياره ضمن مشروع النزيل المنتج، وذلك بعد إثباته لحسن سيره وسلوكه داخل المركز, مُضيفاً "شعرتُ وقتها أن لي فائدة ومكانة بعد اختلاطي بالعمال في مشروع الزراعة الذي يعود علينا وعلى ذوينا بعائدٍ مادي يُعيننا على مشقة الحياة".

 

ويُعد مشروع النزيل المُنتج ضمن برامج مراكز الإصلاح والتأهيل التي تعمل على تغيير سلوك النزيل وإكسابه مهنة أو حرفة يكسب منها قوته وقوت عائلته، سواءً أثناء فترة سجنه أو بعد انتهاء محكوميته وانخراطه مرةً أخرى في المجتمع.

 

وفي ختام حديثه وجَّه أحمد شكره العميق لمركز الإصلاح والتأهيل الذي كان له الدور الكبير في تغيير شخصيته نحو الأفضل، لافتاً إلى أنه سيشرع بمبادرةٍ شخصية _ بعد إنهائه فترة حكمه _ للذهاب إلى المؤسسات والجمعيات التي تحارب ظاهرة المخدرات والتعاطي للتطوع بها والعمل على إرشاد الشباب من مخاطرها.