غزة/ الداخلية:
بنداء عسكري "الجميع إلى الساحة"، تبع النداء صافرة من القائد الذى يرتدي بزة عسكرة صحرواية، فسرعان ما اكتملت صفوف الفصيل، وبخطوات ثابتة سار الضابط نحوهم حتى أصبح بمنتصف الصفوف الأربعة، وقف أمامهم ونظر إليهم جميعاً، ثم خاطبهم بصوت خشن ، فصيل "ارفع رأسك وانظر أمامك".
كان النداء حماسياً لفت انتباه المشاركين، وبذلك أعطى إشارة: "أربعات فاصل ذراع" ثم ألهب حماسهم مرة أخرى قائلاً: "للأمام انظر"، فصدحت الحناجر مرددة بصوت واحد "الله".. سألهم بعد تلك البداية التأهيلية للتدريب: لماذا يعطى أمر تلاصق الأكتاف ؟ السؤال جاء بعد أن أمرهم بتلاصق الأكتاف، فأجاب أحدهم: بأنه للمحاضرات.
ثم نظر القائد إلى أحدهم وأشار عليه بالانصراف لجلب السلاح، وعلى الفور أصبح الفصيل مُسلحاً بمجسمات خشبية تستخدم في التدريب، فخاطبهم مسلحين: "فاصل ذراع ( أي الابتعاد بمسافة).
ما نتحدث عنه ليس في موقع عسكري ولا معسكر تدريب بمراكز الشرطة، وإنما في مدرسة التقوى الثانوية للبنين غرب مدينة غزة ضمن برنامج الفتوة الذي يشرف عليه جهاز الأمن الوطني بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم.
وبذات الصوت الخشن الذي كان يشحن حماس الطلاب، أمرهم الضابط بالاستعداد لتنفيذ حركات حمل السلاح، ثم قال: أرضاً سلاح (تعني إلقاء السلاح على الأرض)، وبعدها جانباً سلاح، (وهي وضعية يكون فيها السلاح ملاصقاً للقدم، قاعدته على الأرض والمسلح يمسك طرفه بيده)، وبنفس الوتيرة يكمل التدريب: عامداً سلاح ( أي أن تكون قاعدة السلاح في كف اليد بشكل قائم)، ثم ميلاً سلاح ( أي حمله بشكل مائل تكون اليد اليمنى على القبضة واليسرى تمسكه).
في تلك المدرسة ترى الطلاب يتحمسون إلى تعلم كل شيء القوة البدنية والجسمانية، فهم يلتزمون الصمت الكامل أثناء شرح الضابط لهم في المحاضرات النظرية والتطبيقية عن الدفاع المدني، والإسعافات، والأخلاق، والسلاح.
تجد الإصرار والتحدي علامات مرسومة على وجوههم، والطالب "شعبان مهنا" أحدهم، كانت علامات الثقة والفخر بادية على وجهه عندما تحدث عن شعوره باختياره ضمن فصيل الفتوة بالمدرسة، قائلاً: "الفتوة مشروع يفيدنا في تعلم حركات استخدام السلاح، وزيادة اللياقة البدنية، وهو يعلم الرجولة".
ما يزال ملتزماً خلال حديثه بوقفته العسكرية التي أمرهم بها الضابط بالنظر للأمام مرفوع الرأس، مردفاً: "الفتوة مشروع ناجح، حتى نعرف كمواطنين عاديين كيف نتعامل مع الأحداث المختلفة خلال الحروب وحالات الطوارئ".
التفت "شعبان" متبسماً: "طول ما أنا طالب عندي استعداد أدافع عن وطني ليس بالسلاح فقط بل بقلمي وعلمي".
دوافع الفتوة
ضابط الفتوة في المدرسة حازم الكحلوت يتحدث بأن المشروع يذكر الطلبة أنه شعب محتل ومنذ انطلاقته يهتم بالتدريب الميداني العسكري الكامل لإعداد الطلاب بدنياً وتثقيفياً، إضافة إلى التوعية الأمنية، مردفاً: "إنهم يتطرقون خلال الحصص إلى الصاعقة والتمارين التكوينية لزرع الرجولة عند الطالب المراهق الذي يحتاج إلى اهتمام مضاعف".
ولم يخف الكحلوت اعتراف الطلبة لهم أن أولياء أمورهم لا يتحدثون معهم كما يتحدث الضباط في الجوانب المتعلقة بالأخلاق والسلوك، وقال: "بعضهم حرصوا على المحافظة على صلاة الفجر بعد تأثرهم من المحاضرات التي قدمناها وما زالوا ملتزمين بها".
ويرغب نحو 60% من طلاب المدرسة البالغ عدد طلابها 800 طالب، حسبما يبين ضابط الأمن الوطني، باستبدال حصة الرياضة بتدريب الفتوة، ويذهب بعضهم لطلب لبس بزة عسكرية أثناء التدريب لكن المدربين يرفضون ذلك.
ويكمل "شعبان": "نتعامل مع الطلاب توسطاً ما بين الشدة واللين حتى تكون للضابط هيبة في المدرسة، وبرنامجنا متمثل في تخصيص أسبوع لـ "الفتوة" وآخر للرياضة.
76 مدرسة
من ناحيته تحدث المقدم علي المسلاتي قائد الفتوة في قطاع غزة، أن الفتوة برنامج وطني بامتياز تبناه جهاز الأمني الوطني، وهو مشروع بروتوكول موقع مع وزارة التربية والتعليم، ينص أن يتواجد 103 ضباط في 76 مدرسة موزعين على 7 مناطق تعليمية على مستوى محافظات القطاع.
ولفت المسلاتي إلى تواجد ضابطين في المدرسة التي يبلغ عدد فصولها 24 فصلاً، وضابط واحد في المدرسة التي تقل فصولها عن 15 فصلاً.
وتابع: "يقدم برنامج الفتوة الإسعافات الأولية، الدفاع المدني، الوعي الأمني، التعليم العسكري الأول وبعض مهارات وحركات السلاح، إضافة إلى حرب المدن التي تعطي ثقة للطالب، متمماً: "الفتوة تصنع الرجال وجيل التحرير في مرحلة عمرية مهمة حفظاً من الانحراف الفكري أو الأخلاقي".
وتابع المسلاتي "يدعم مدراء المدارس هذا المشروع لأنه يضفي جانباً انضباطياً بالمدارس وخاصة في الطابور الصباحي، وضبط سلوكيات الطلاب".
وكشف قائد كتيبة الفتوة عن دراسة يعدها جهازه حالياً لتنفيذ مشروع التعرف على الأجسام المشبوهة وكيفية التعامل معها وتفاديها, منوهاً إلى اشتمال مشروع الفتوة على مواد معدة بخطة دراسية منظمة مُوزعة على المدارس التعليمية بتعليمات التقيد بالمادة والخطة الدراسية، بواقع أربع حصص شهرية.
وشرعت كتيبة الفتوة بتنفيذ مشروع مؤقت في محافظة خانيونس للطالبات يتحدث عن كيفية التعامل مع الحرائق، من خلال تسليط الضوء على جانب معين في الدفاع المدني والوقاية والسلامة.
المصدر: صحيفة فلسطين