الشهيد عبد الكريم أبو جربوع...عاش قائداً وارتقى قائداً

27 مارس/آذار 2016 الساعة . 08:33 ص   بتوقيت القدس

غزة/الداخلية:

كان مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة على موعد مع ميلاد فارس جديد من فوارس فلسطين الشهيد البطل عبد الكريم إسماعيل  علي أبو جربوع  وذلك بتاريخ 3/7/1963 .

 

تربى شهيدنا ونشأ بين أحضان عائلة  كانت ولازالت من العائلات  التي تقدم أرواحها رخيصة في سبيل الله سبحانة تعالى وتعود جذور هذه العائلة  إلى بلدة بئر السبع التي احتلها الصهاينة الغاصبين عام 1948.

 

صفات الشهيد

تميز شهيدنا منذ نعومة أظافره بخلقه الطيب  حيث لازم حلقات القرآن والتربية في مساجد النصيرات ، تعلق بحب فلسطين وترابها وأرضها المباركة وطالما عشق الشهادة فوق ربوعها المحتلة, كان محبا لوالديه ومطيعا لهما كما كان بارا لإخوانه وأقربائه , فكان نعم الأب والزوج , عاشقا لأطفاله يحبهم ويحبونه كثيرا .

 

حياته العملية والعلمية

 

عمل شهيدنا في صفوف وزارة الداخلية منذ تشكيل الحكومة الفلسطينية العاشرة وتحديدا كان عمله في إطار جهاز الأمن والحماية, وقد كان مثالا للإخلاص والالتزام في العمل و مثالاً للقدوة الطيبة , تدرج في عمله إلى أن أصبح مسئولا لجهاز الأمن والحماية في المنطقة الوسطى واستشهد وهو على رأس عمله .

 

يقول شقيق  الشهيد أن شقيقه  عبد الكريم خرج صبيحة يوم السبت وكأنه يعلم مسبقاً بأنه لن يعود للمنزل مرة أخرى، فكانت علامات الشهادة واضحة عليه لأنه كان  يحضن أبنائه وكأنه مودع لهذه الدنيا".

 

 

 

 

 

 

موعد مع الشهادة

في صبيحة يوم السبت 27/12/2008م خرج الشهيد عبد الكريم أبو جربوع من منزله وودع أهله ليتجه إلى مقر جهاز الأمن والحماية بغزة ويجلس في آخر اجتماع لقيادة جهازه وقتها مع قائده الشهيد إسماعيل الجعبري وعدد من قادة الجهاز في قطاع غزة يواصلون عملهم الدءوب خدمة للوطن وحفاظاً على أمن المواطن، فباغتتهم الطائرات الحربية الصهيونية وألقت القنابل على المقر الأمر الذي أدى لتدميره واستشهاد من فيه ومن بينهم الشهيد عبد الكريم .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التحق شهيدنا البطل في صفوف

انهى شهيدنا تعليمه الابتدائي ثم الاعدادي والثانوي بنجاح في مدارس النصيرات ثم

في اقتراب الذكرى الثانية لاستشهاده بمعركة الفرقان

الشهيد عبد الكريم أبو جربوع .. فارس بجهاز الأمن والحماية ترك جيلاً يواصل المشوار

الوسطى/ رائد أبو جراد

 

على أصوات أناشيد الاعتزاز بالمقاومة وشهدائها .. دوى في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة صوت يودع أحد شهداء المخيم الصامد مردداً "يا شهيداً نسج المجد وساماً وسقانا من كؤوس العز جاماً وتراءى في سماء النصر برقاً راحلاً يلقي على الدنيا السلاما"، إنهم الشهداء الأكرم منا جميعاً نتذكرهم ونستذكر أجمل لحظات عايشناها معهم في دنيا الفناء لسان حالهم يقول (أملي أن يرضى الله عني) ومنهم الشهيد الرائد عبد الكريم أبو جربوع قائد جهاز أمن وحماية المحافظة الوسطى.

حرب شعواء

في صبيحة يوم السبت 27/12/2008م خرج الشهيد عبد الكريم أبو جربوع (أبو عمار) من منزله وودع أهله ليتجه إلى مقر جهاز الأمن والحماية بغزة ويجلس في آخر اجتماع لقيادة جهازه وقتها مع قائده الشهيد إسماعيل الجعبري وعدد من قادة الجهاز في قطاع غزة يواصلون عملهم الدءوب خدمة للوطن وحفاظاً على أمن المواطن، فباغتتهم صواريخ الحقد الصهيونية التي دكت بها طائرات الـF16 أمريكية الصنع لتدمر أكثر من 60 موقعاً شرطياً وأمنياً في القطاع ليرتقي يومها فقط أكثر من 350 شهيداً ما بين مواطن وشرطي ورجل أمن جلهم من أبناء وزارة الداخلية والأمن الوطني في مشهد لن يتناساه الغزيون على مدار التاريخ وجولاته.

عشق شهيدنا القائد المجاهد طريق المساجد وانتهل من أنهار الدعوة والتربية الصادقة فيها، تعلق بشعبه، وتمسك بقضيته، عايش هموم أبناء شعبه، فقد تربى في مخيم للاجئين الذي هجروا قبل ستة عقود من بيوتهم وقراهم في الأراضي المحتلة عام 48.

تغير حال سكان القطاع الساحلي في ذلك اليوم، كان البكاء في الشوارع كما الدماء التي سالت في المفترقات القريبة من المواقع الأمنية ومراكز الشرطة التي لم تسلم هي الأخرى من الهمجية الصهيونية، عائلة أبو جربوع كانت تبحث كما العائلات الغزية المكلومة يومها إما بفقدان فلذات الأكباد أو ارتقاء الآباء والأصحاب والأحباب.

حرب بكل ما تعنيه الكلمة .. لكن الكلمات عجزت عن وصف ذلك المشهد .. وجف الحبر في الأقلام يومها.. وتوقفت عدسات الكاميرات عن التقاط مشاهد الدماء والأشلاء الممزقة.

عجت المستشفيات بالجثث هرع الأهل للبحث عن أبنائهم فمنهم من وجد ولده أو أكثر من بين شهداء معركة الفرقان ومنهم من اطمئن على قريبه رغم إصابة بالغة أو متوسطة.

رفعت زوجة الشهيد أبو عمار هاتفها المحمول لتدق على رقم زوجها لكن الاتصالات توقفت آنذاك، "جوال مرحبا الهاتف الذي تحاول الاتصال به مغلق حالياً .. يرجى المحاولة فيما بعد" .. لكنها لم تعلم أن جميع محاولاتها ستكون يائسة .. لأن زوجها ارتقى شهيداً وانهال مقر الأمن والحماية في غزة على جسده الطاهر ورؤوس إخوانه ممن فارقوا الدنيا معه.

"الداخلية" كانت السباقة لزيارة منزل الشهيد عبد الكريم .. لتستمع لأهله وأبنائه الصغار وهم يتحدثون عن أبيهم وقائد مسيرة بيتهم المتواضع في مخيم النصيرات.

حزن وألم

ملامح الحزن على ألم فراق "الشهيد عبد الكريم" لم تفارق وجوههم، فقد باتوا أيتاماً فقدوا الأب الحنون وحضن الرعاية الدافئ بفعل همجية قادة الكيان الصهيوني وإجرام آلتهم العسكرية المدمرة والتي لم يشهد لها التاريخ مثيلاً سوى في حرب الفرقان.

يقول (جمال) شقيق الشهيد: "تميز أبا عمار بخلقه الطيب منذ صغره، لازم حلقات القرآن والتربية في مساجد النصيرات منذ نعومة أظافره، تعلق بحب فلسطين وترابها وأرضها المباركة وطالما عشق الشهادة فوق ربوعها المحتلة".

ويشير إلى أن الشهيد القائد عبد الكريم عمل ضمن صفوف جهاز الأمن والحماية منذ عام 2006 الذي فازت فيه حركة حماس في الانتخابات التشريعية وشكلت الحكومة الفلسطينية العاشرة وقتها لينضم رجال المقاومة في صفوف أجهزة الحكومة لحماية مقدرات شعبهم وحفظ أمن قادتهم وإخوانهم في قيادة الحكومة ونواب الشرعية.

وأكد "جمال" الأخ الأصغر للشهيد "أبو جربوع" أنهم تلقوا خبر استشهاده في أول أيام الحرب الصهيونية على غزة بصدمة كبيرة سادت أرجاء منزلهم الصغير وأثرت كثيراً عليه وعلى جميع أفراد أسرته، مضيفاً "كان أخي عبد الكريم رحمه الله صادقاً مع ربه تعالي فنال ما طلبه من الشهادة وأجرها وفضلها العظيم، بعد سنوات من مشوار جهاده وعمله الأمني المميز في صفوف جهاز الأمن والحماية بوزارة الداخلية".

وأضاف: "في بداية عمل الشهيد كان يداوم في مقر الأمن والحماية بالمحافظة الوسطى وكان مثالاً للقدوة الطيبة والقائد الصابر لإخوانه في الجهاز، وواصل عمله ومشواره عدة سنوات حتى آخر أيام حياته حيث ارتقى بصحبة من أحب من قيادة الجهاز ومدرائه في محافظات قطاع غزة".

وبين في ختام حديثه أن الشهيد "أبو جربوع" خرج صبيحة السبت وكأنه يعلم مسبقاً بأنه لن يعود للمنزل مرة أخرى، مستطرداً: "كأنها علامات الشهادة التي يختص الله بها عباده الصالحين فخرج أخي رحمه الله مودعاً أهله يحضن أبنائه وفلذات كبده وكأنه مودع لهذه الدنيا".

تفوق علمي

فيما انهمرت الدموع من مقلتي الفتاة (إسلام) 14 عاماً الابنة البكر للشهيد "أبو عمار" عندما عادت بذاكرتها إلى أول أيام حرب الفرقان واصفة شعورها المؤلم حينها، بقولها: "استطعت أن أحصل على أعلى الدرجات رغم الظروف الصعبة التي مرت بي وأسرتي خاصة بعد استشهاد والدي الحبيب، ولكن فرحتي ونجاحي لم يكونا كأي عام مضى، بل كانا بطعمٍ خاصٍّ مزج بين فرحة النجاح وألم فراق والدي الحنون".

وحصلت الطالبة إسلام أبو جربوع في الصف الثامن الإعدادي على المرتبة الأولى في مدرستها بعد تفوقها الكبير في دراستها على الرغم من الظروف القاسية التي مرت بها اثر استشهاد قرة عينها والدها لتحوز على نسبة 98.8%، لتكون الأولى على مدرسة بنات النصيرات الإعدادية التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا".

(إسلام) جعلت تفوقها وحصولها على العلم وأعلى الدرجات وسيلةً لمقاومة وتحدي الاحتلال الذي قتل والدها وآلاف المواطنين الفلسطينيين حيث أصرت أن يكون سلاحها الذي ستواجه به قاتل أبيها هو العلم والتفوق.

هذه هي صورة شهداء وأبطال الأجهزة الأمنية الفلسطينية الصادقين المخلصين في أعمالهم وحمايتهم لدينهم وأرضهم وعقيدتهم الراسخة في قلوبهم، يضحون بالغالي والنفيس، أرواح ودماء وأنفس يتركون ملذات الدنيا الفانية والزوج والولد الغالي لآخرة دائمة مرضاة لوجه الله الكريم ولسان حالهم يقول "وعجلت إليك رب لترضى".