البطش: الشرطة تلقت الضربات القوية خلال الحروب الثلاثة ولا زالت تقدم الإنجازات
سبع سنواتٍ مضت على تسَلُمِ الأجهزةِ الأمنيةِ زمامَ الأمورِ في قطاعِ غزة , وقد ظنَ البعضُ أن منظومة الأمنِ لن تستطيعَ الحكومة في غزة أن تسيطرَ عليها، وستُباحُ في عهدِها كلَّ الجرائم، وسيُحولُ القطاعُ لفوضى عارمة وساحة للنزال والصراع بين المواطنين ، وتنتشرُ ثقافة أخذِ الحقوقِ باليد وتسفكُ الدماءُ ولا يأمنُ المواطنُ فيها على نفسِه.
واستطاعت الداخلية فيما بعد إرساءَ قواعدَ الأمنِ، إلى أن وصلت منظومةُ الأمنِ في قطاعِ غزة إلى أعلى درجاتها في عام 2015.
وباتت المنظومةُ الأمنية والجبهةُ الداخلية وفي مقدمتها الشرطة الفلسطينية أكثر تماسكاً وصلابةً , وشعر المواطنُ بالاستقرارِ على حياتِه وممتلكاته.
وخلال لقاءٍ مع مدير عام الشرطة الفلسطينية اللواء تيسير البطش بعد مرور سبع سنوات على حرب الفرقان قال: "تعرض جهازُ الشرطة الفلسطينية للعديدِ من الضربات والأزمات الصعبة ، ففي عام 2008 شنت قواتُ الاحتلالِ الإسرائيلي حرباً ضروساً على قطاع غزة , وتلقت الشرطة الضربةَ الأولى فيها حيث استشهدَ في آنِ واحد 245 عنصر من عناصرها كانوا يتلقون الدورات التدريبية من بينهم مدير الشرطة آنذاك اللواء توفيق جبر".
وأضاف: "ومع اللحظةِ الأولى للحرب لملمت الشرطةُ جراحها واستطاعت أن تتخطى الألمَ وحققت مع الأجهزة الأمنية الأخرى حالةً فريدة من الأمن والاستقرار من خلال تأمين المجتمع والمحافظة على سلامته خلال تلك الحرب , ولم تتوانَ عن تقديم الخدمات , وضحى رجالها بدمائهم وأرواحهم وكل ما يملكون من أجل البقاء في هذه الأرض المباركة".
على رأس عملهم
وأكد اللواء البطش أن شهداء الشرطة خلال حرب الفرقان ارتقوا وهم على رأس عملهم يؤدون عملهم بكلِّ إخلاص وتضحية , وظلوا يقدمون الخدمات للمواطنين ويحفظون أمنهم وسلامتهم ، مشيراً إلى أنه في مثل هذا اليوم كانت تتصاعد أرواح شهداء الشرطة إلى السماء وهي ثمنٌ للحرية والنصر والتحرير.
وأوضح أن الشرطة تشارك أبناء شعبها جهاده وتضحياته إلى جانب المقاومة الفلسطينية , فهي تحمي الجبهة الداخلية وتحافظ على أرواح المواطنين وتمنع اختراق صفهم من قِبل الاحتلال.
وحسب إحصائيةٍ أعدتها الشرطة فقد تجاوز عدد شهداء الشرطة منذ عام 2007 أكثر من 600 شهيد ارتقوا بفعل الحروب المتعاقبة على القطـاع.
بفعل الحروب ونحن ما زالنا على طريقهم ودربهم وتضحياتهم ونكمل مشوارهم ولن نحيد عن ذلك , وسنبقى نحافظ على المنظومة الأمنية مع الأجهزة الأمنية الأخرى " .
هذا وشنت قواتُ الغدرِ الصهيونية حرباً ثانية على قطاع غزة أواخر عام 2012 وكان لجهاز الشرطة نصيباً من الاستهداف حيث طالت آلةُ العدوِ مقرات الشرطة الفلسطينية وتم تدمير مبنى قيادة الشرطة ومبنى شرطة العباس والشجاعية والتفاح والدرج وشرطةُ محافظةِ الشمال وخانيونس ، ومقارِ الشرطة البحرية.
ورغمَ الاستهدافِ لمقار الشرطة إلا أنها انطلقت من بين الركام والمقرات المهدمة والأنقاض وباشرت عملها من الخيام وأدت مهامها وقدمت كافة خدماتها للمواطنين في أحلك الظروف ، وفوتت الفرصةَ على كلِّ من حاولَ أن ينالَ من عزيمة عناصر الشرطة.
وواصل فرسان الشرطة الليلَ بالنهار لبسطِ الأمنِ والاستقرار داخل محافظات القطاع من رفح جنوباً وحتى بيت حانون شمالاً لضبط المشبوهين والضرب بيدٍ من حديد كلَّ من تسولُ له نفسه زعزعة الاستقرار في القطاع.
وفي صيفِ عام 2014 عاودت إسرائيل الكرةَ مرةً ثالثة وشنت حرباً ضروس على قطاع غزة ذاقَ معها القطاع الويلات ولولا قوة الشرطة الفلسطينية وتعاونِ الأجهزةِ الأمنية لانهارت المنظومة الأمنية, لكن الشرطة كانت رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه.
وأدت الشرطة _في حينها_ دورَها وعملت على حماية البيوتِ والمؤسسات والمقار التي تعرضت للقصف رغمَ سخونةِ الأجواء التي كانت تلتهب سماء غزة بها بفعل صواريخ الحقد الصهيونية , كما استطاعت الشرطة أن تتابع بيع المواد الغذائية وتمنع من احتكارها.
استهدافٌ متواصل
وخلال هذه الحرب التي استمرت 51 يوماً تعرضت قيادةُ الشرطة الفلسطينية للاستهداف , حيث أصيب اللواء البطش جراء قصف الاحتلال لأفراد عائلته , واستشهد 89 عنصراً من الشرطة الفلسطينية.
وعقَّب البطش قائلاً : "من المعروف أن غياب القيادة عن الميدان يزعزع الثقةَ في نفوس الأفراد , لكن القيادة أوجدت البدائل, حيث شكلت قيادة الشرطة غرفة متابعة لقيادة دفة السفينة , وبالفعل استطاع جهاز الشرطة أن يكمل السيرَ على خطى قيادتِه".
وأضاف: "خلال الحروب الثلاثة على غزة استطعنا أن نتعاملَ مع كافة الحالات والأحداث على جميع الأصعدة , وكل إدارة استطاعت أن تبذل جهدَها فكان للمباحث العامة دوراً مهماً في حفظِ الأمنِ المجتمعي من خلال متابعة الأسواق والبضائع لعدم احتكارها ومحطات الوقود".
وتابع: "وكان لمهندسي ضباط شرطة هندسة المتفجرات النصيبَ الأعظم من الخطرِ المحدق فقد كان يتحتم وجدوهم في كلِّ مكانٍ يتعرضُ للقصف للتعامل مع القذائف التي انفجرت أو التي لم تنفجر , فكانوا بحق نعم الأبطـال".
واستطرد: "أيضاً استطاعت شرطة أمنِ الشفاء أن تنظم العملَ داخل المستشفى ليتسنى للأطباء أداء عملِهم , حيث انتشرت عناصر شرطة حفظ النظام والتدخل على بوابات المستشفى للعمل على تنظيم وترتيب المواطنين ومنع حالات الفوضى ، ونظمت الإدارة العامة للمرور الحالة المرورية وحركة السير وتسهيل خطوط سير الإسعافات وسيارات الدفاع المدني".
وأردف: "عملت شرطة الحراسات على حماية المؤسسات الحكومية والمحلية , وشرطة مكافحة المخدرات تابعت حركات المشبوهين وتعاملت معهم وشلت حركتهم , بالإضافة إلى قيام مراكز الشرطة المنتشرة في كافة محافظات قطاع غزة على مساعدة المواطنين وحمايتهم والعمل على تأمين أماكن الإيواء بالتعاون مع العديد من الإدارات العامة في الشرطة".
مسيرة البناء والتعمير
وعملت الإدارة العامة للإمداد والتجهيز بالشرطة بعد الحرب على إعادة ترميم وبناء المقرات التي تم تدميرها فبدأت بمرحلة إعمار مباني حديثة ونظارات جديدة ، وباشرت عملَها في عمليات البناء فقامت بتشييد مبنى العودة وذلك بالتعاون مع الإدارة العامة للإمداد والتجهيز في وزارة الداخلية وعملَ داخل هذا المبنى العديد من إدارات الشرطة ، كما تم إعادة بناء وتشييد مركز الشجاعية وشرطة محافظتي خانيونس والشمال.
ووصف اللواء البطش المرحلة التي عمل فيها رجال الشرطة بعد الحرب بأنها صعبة للغاية لعدم وجود مقرات ومكاتب ومستلزمات العمل والمركبات والأدوات التي تسهل عمل العناصر ؛ فعملوا في الخيام والأماكن البديلة الغير صالحة للعمل وبأقل الإمكانيات المتاحة.
ورغم كل هذه الظروف والصعوبات لم يتخلَ عناصر الشرطة عن مهامهم وأعمالهم بل تصدروا المشهد وباشروا أعمالهم بكل همةٍ وعزيمةٍ وإرادة , وبذلوا كل التضحيات وتحدوا الصعاب وأبدعوا في بقاء هذا الجهاز قوياً وثابتاً , وهذا يدل على صدق انتمائهم لمشروعهم الوطني الذي دفعنا ثمناً غالياً لبقائه.
ونوَّه اللواء البطش إلى التدرج الواضح في تطور عمل الشرطة الفلسطينية وارتقائها منذ تسلمهم للعمل من ناحية تطبيق وفرض القانون والقضاء على النعرات العائلية وإنهاء حالة الفوضى والفلتان الأمني الذي كان سائداً.
كما يُحسب للشرطة تعزيزها فكرة توجه المواطن لمركز الشرطة لاسترداد حقوقه على خلاف ما حيث كان المواطن سابقاً يأخذ حقه بيده , ومن ناحيةٍ أخرى دأبت الشرطة على تطوير الكادر البشري بصورةٍ كبيرة للارتقاء بالأداء المهني وتنمية المهارات العملية.
أرقامٌ وإحصاءات
وأكد اللواء البطش أن الشرطة الفلسطينية كان لها دورٌ كبير في تأمين الساحةِ الفلسطينية في مختلف الأوقات في السلم والحرب ولا زالت في الميدان تقدمُ خدماتها للمواطنين "فهي جزءٌ أصيل من المجتمع تحمي شعبَها وتقدمُ له كلَّ الخدمات وتسهُر على أمنهِ ومصالحِه وتبذل كل طاقاتها لتحقيق الهدف الأساسي من عملها وهو الحفاظ على الأمن والنظام والسكينة العامة".
ووفق الإحصائية السنوية التي أعدتها الشرطة لعام 2015 فقد تم تنفيذ 990074 مهمة توزعت ما بين الإدارات العاملة حسب الاختصاص.
ولفت اللواء البطش إلى أن مراكز الشرطة الفلسطينية الممتدة على طول قطاع غزة استقبلت "46742" شكوى أنجزت منها "33129" شكوى فيما تبقى "13613" شكوى تحت العمل وتحتاج لاستكمال الإجراءات القانونية من طرف المحاكم والنيابة لإنجازها , بالإضافة إلى تحويل "31592" قضية إلى النيابة العامة.
وأشار اللواء البطش أن المباحث العامة تعاملت مع "14359" قضية ، بينما تعاملت مباحث التموين مع "288372" مهمة إتلاف وضبط ، كما أنجزت الشرطة القضائية "348768" قضية ، وشرطة هندسة المتفجرات نفذت "1729" مهمة فحص ومعاينة , بينما أنجزت شرطة الحراسات "948" مهمة ، بالإضافة إلى قيام الإدارة العامة للتدريب بعقد "112" دورة تخصصية وميدانية وإدارية.
واستكمل اللواء البطش سرد إنجازات الشرطة البحرية التي تعاملت مع "2599" قضية ، وشرطة العلاقات العامة "871" مهمة ، والأدلة الجنائية "1918" مهمة ، ومفتش عام الشرطة " 1603" مهمة ، بينما بلغت مهام شرطة البلديات "47511" مهمة ، فيما أنجزت الشرطة النسائية "9400" مهمة.
أما شرطة حفظ النظام والتدخل فقد بلغ عدد مهماتها "10403" ، وتعاملت شرطة المرور مع "39180" حادث مروري ، وحجزت "11398" مركبة ودراجة نارية مخالفة ، فيما قامت شرطة مكافحة المخدرات بإنجاز "15049" قضية مخدرات.